الأب الحقيقي عبرة و موعظة
دخل الأب منزله كعادته في ساعة متأخرة من
الليل، و إذ به يسمع بكاء صادرا من غرفة ولده، دخل عليه فازعا متسائلا عن سبب
بكائه، فرد الابن بصعوبة : لقد مات جارنا فلان (جد صديقه أحمد): فقال الأب متعجباً
: ماذا ! مات فلان ! فليمت إنه عجوز عاش دهرا و هو ليس في سنك و تبكي
عليه يا لك من ولد أحمق لقد أفزعتني.... ظننت أن كارثة قد حلت بالبيت، كل هذا
البكاء لأجل ذاك العجوز، ربما لو أني مِت لما بكيت عليّ هكذا !.
نظر الابن الى أبيه بعيون دامعة كسيرة قائلا : نعم لن أبكيك مثله !
هو من أخذ بيدي إلى الجامع و الجماعة في صلاة الفجر، هو من حذرني من رفاق السوء و
دلني على رفقاء الصلاح و التقوى، هو من شجعني على حفظ القرآن و ترديد الأذكار، أنت
ماذا فعلت لي؟ كنت لي أبا بالاسم، كنت أبا لجسدي أما هو فقد كان أبا لروحي، اليوم
أبكيه و سأضل أبكيه لأنه هو الأب الحقيقي، و نشج بالبكاء..
عندئذٍ تنبه الأب من غلته و تأثر بكلامه و اقشعر
جلده و كادت دموعه أن تسقط، .فاحتضن ابنه و منذ ذألك اليوم لم يترك أي صلاة في
المسجد